ملخص كتاب تعلم الرياضيات قبل الثالثة: الثورة الوديعة” لجلين دومان

سنقدم لكم ملخص كتاب تعلم الرياضيات قبل الثالثة للكاتب جلين دومان

الفصل الأول: مفهوم التعليم المبكر

في هذا الكتاب، يؤكد جلين دومان وجانيت دومان على أن الأطفال يمتلكون قدرة فطرية ومذهلة على التعلم منذ لحظة ولادتهم، بل وحتى قبلها أحيانًا. ويشير المؤلفان إلى أن المجتمع غالبًا ما يستهين بقدرات الأطفال الصغار، ويفترض خطأً أنهم غير مستعدين لتلقي المفاهيم الأكاديمية كالحساب والقراءة.

لكن بحسب تجربتهما الطويلة في العمل مع الأطفال (ومنهم أطفال يعانون من إعاقات في النمو)، يوضحان أن الطفل في سنواته الثلاث الأولى يكون في ذروة استعداده للتعلم، حيث يكون الدماغ أكثر مرونة وسرعة في بناء الشبكات العصبية. وكلما بدأ التعليم مبكرًا، كان أكثر فاعلية واستدامة.

ويعارض الكتاب الفكرة التقليدية التي تقول إن على الطفل أن “ينضج” قبل أن يتعلم، ويؤكد أن الانتظار حتى سن المدرسة هو تأخير غير مبرر يحرم الطفل من إمكانيات عظيمة في التعلم الطبيعي.

كما أن التعلم في هذه المرحلة لا يعني الحفظ أو التلقين، بل يقوم على اللعب والتفاعل والعرض البصري المحفز، بطريقة ممتعة ومليئة بالحب، مما يعزز الروابط العاطفية بين الطفل ووالديه، ويحول عملية التعلم إلى نشاط مشترك ومفرح.

الفصل الثاني: منهج “الثورة الوديعة”

مصطلح “الثورة الوديعة” أو كما ورد بالإنجليزية The Gentle Revolution هو الفلسفة التربوية التي أسسها غلين دومان، والتي تقوم على مبدأ أن التعليم يجب أن يكون تجربة إيجابية، ممتعة، وعاطفية، لا تجربة مليئة بالإكراه أو الضغط النفسي.

المبادئ الأساسية لهذه “الثورة الوديعة”:

  • التعليم كفعل حب:
    يرى المؤلفان أن التعليم المبكر يجب أن يكون دافعًا بالعاطفة وليس بالواجب. فعندما يعلّم الوالدان طفلهما بحب وفرح، فإن الطفل يستجيب بحماسة وفضول.
  • لا للضغط، نعم للمرح:
    الطفل لا يُجبر على التعلم، بل يُقدَّم له المحتوى التعليمي وكأنه لعبة أو مغامرة. وعندما يشعر الطفل بالمتعة، يتعلم أسرع وأكثر عمقًا.
  • الاحترام العميق لقدرات الطفل:
    “الثورة الوديعة” تؤمن بأن كل طفل، بغض النظر عن ظروفه أو بيئته، قادر على التعلم بدرجة تفوق توقعات الكبار إذا أُتيح له ذلك في بيئة داعمة.
  • دور الأهل كمعلّمين:
    يشجع هذا المنهج على أن يكون الأهل، خصوصًا الأم، هم المعلّم الأول للطفل. فهم يعرفون أطفالهم أكثر من أي معلم خارجي، ويستطيعون أن يوفروا لهم حبًا وانتباهًا لا تستطيع المدرسة توفيره.
  • التكرار اللطيف والقصير المدى:
    في هذه الطريقة، يتم عرض المعلومات على الطفل بسرعة، ولكن لفترات قصيرة جدًا، ويتم تكرارها عدة مرات في اليوم. هذا يعزز التعلم دون أن يشعر الطفل بالملل أو الإرهاق.
  • أدوات بسيطة وفعالة:
    يعتمد المنهج على أدوات مثل بطاقات النقاط والأرقام الكبيرة، والتي يتم عرضها أمام الطفل بشكل سريع ومنتظم. هذه الطريقة تساعده على التعرف على الكميات والنماذج دون الحاجة إلى الشرح النظري المعقد.

لماذا تُسمى “ثورة”؟

لأنها تخالف تمامًا الأساليب التقليدية في التعليم، والتي تبدأ في سن متأخرة، وتُمارس غالبًا في إطار رسمي وجامد. أما “الثورة الوديعة”، فهي حركة تعليمية تبدأ في البيت، وتُشعل شرارة الحب والمعرفة في نفس الطفل منذ أيامه الأولى.

خطوات عملية لتطبيق المنهج مع الأطفال:

  1. استخدام بطاقات كبيرة وواضحة:
    • حضّر بطاقات بيضاء نظيفة، بحجم كبير نسبيًا.
    • على كل بطاقة، ارسم عددًا من النقاط الحمراء (مثلًا: بطاقة عليها 2 نقطة، بطاقة عليها 5 نقاط، وهكذا)، أو استخدم أرقامًا مكتوبة بخط واضح وكبير.
  2. العرض السريع والخاطف:
    • اعرض البطاقة أمام الطفل لمدة لا تتجاوز ثانية إلى ثانيتين فقط.
    • لا تطلب منه الرد أو الفهم الظاهري في البداية، فقط دعه يلاحظ ويرى.
  3. التكرار المنتظم يوميًا:
    • كرر عرض البطاقات عدة مرات في اليوم (مثلا 3 إلى 5 مرات).
    • كل جلسة لا تستغرق أكثر من دقيقة واحدة.
    • يمكن تغيير البطاقات كل يومين أو ثلاثة للحفاظ على عنصر التجديد والإثارة.
  4. دمج العرض مع الحب والابتسامة:
    • أثناء عرض البطاقات، تحدث مع طفلك بلغة مليئة بالحب والمرح.
    • لا تجعل التعلم يبدو كأنه اختبار أو مهمة يجب إنجازها.
  5. التدرج الطبيعي في الصعوبة:
    • ابدأ بالأعداد الصغيرة (من 1 إلى 10).
    • بعد أن يعتاد الطفل رؤية الأعداد، يمكن الانتقال إلى الجمع والطرح البسيط باستخدام البطاقات (مثلا: بطاقة بها 2 نقطة + بطاقة بها 3 نقاط = بطاقة بها 5 نقاط).
  6. عدم التوقف لسؤال الطفل “هل فهمت؟”:
    • لا تُشعر الطفل بأنه مطالب بإثبات فهمه.
    • يكفي أن تزرع المعرفة دون مطالبة برد فعل فوري.
  7. مراعاة حالة الطفل المزاجية:
    • لا تُكمل العرض إذا كان الطفل متعبًا أو غاضبًا أو غير مهتم.
    • التعلم يجب أن يبقى مرتبطًا بمشاعر إيجابية دائمًا.

هذه الخطوات البسيطة — إذا تم تطبيقها بانتظام وبحب — تفتح المجال أمام الطفل لتكوين فهم عميق ومبكر للرياضيات بطريقة طبيعية وسلسة.

الفصل الثالث: أهمية السنوات الثلاث الأولى من العمر في تعلم الرياضيات

في كتاب “تعلم الرياضيات قبل سن الثالثة”، يشدد غلين دومان وجانيت دومان على أن السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل تمثل المرحلة الذهبية لنمو الدماغ والتعلم، وذلك بناءً على أبحاث علم الأعصاب ونمو الطفل.

لماذا تعد هذه المرحلة مميزة؟

  1. النمو الهائل للدماغ:
    في السنوات الثلاث الأولى، يتطور دماغ الطفل بسرعة مذهلة.
    • عند الولادة، يمتلك الطفل حوالي 100 مليار خلية عصبية.
    • خلال السنوات الثلاث الأولى، تتكون تريليونات من الوصلات العصبية (المشابك العصبية) بين الخلايا، بمعدل لا يحدث مرة أخرى لاحقًا بهذا الشكل المكثف.
    • هذا يعني أن الدماغ يكون في قمة استعداده لاستقبال المعلومات وتخزينها بشكل دائم.
  2. المرونة العصبية العالية:
    يتميز دماغ الطفل الصغير بما يُسمى بـ”المرونة العصبية” (Neuroplasticity)، أي القدرة الكبيرة على تشكيل الشبكات العصبية الجديدة.
    • في هذه المرحلة، يستطيع الدماغ استيعاب كميات ضخمة من المعلومات بسهولة، دون الحاجة إلى جهد واعٍ أو دراسة رسمية.
    • لذلك، التعلم يكون أشبه بامتصاص طبيعي للمعلومات، كما يمتص الإسفنج الماء.
  3. حساسية الطفل للمنبهات:
    الطفل في هذه السن يكون شديد الانتباه للمحفزات البصرية والسمعية واللمسية.
    • عرض الأرقام، الكميات، الأصوات، أو الصور أمامه في هذه الفترة يغرسها في عقله بسهولة ودون مقاومة.
  4. البناء المبكر للقدرات الرياضية والمنطقية:
    القدرة على فهم الأرقام والكميات لا تُخلق فجأة في سن المدرسة، بل تُبنى بالتدريج منذ الطفولة المبكرة.
    • تقديم المفاهيم الرياضية بشكل مبكر يساعد الطفل على تطوير مهارات التفكير المنطقي والتحليل والربط بين المفاهيم منذ نعومة أظفاره.
  5. غياب الخوف من الفشل أو الحكم الذاتي:
    الأطفال في هذه المرحلة لا يعرفون بعد مفهوم الفشل أو الخوف من ارتكاب الأخطاء.
    • هذا يسمح لهم بتجربة المعرفة الجديدة دون قلق أو تردد، بعكس الأطفال الأكبر سنًا أو البالغين الذين قد يخافون من الخطأ.

خلاصة الفكرة:

السنوات الثلاث الأولى هي “نافذة ذهبية” في حياة الإنسان، يستطيع فيها بناء أساس متين للتعلم المعرفي والعاطفي، بما في ذلك تعلم الرياضيات بطريقة طبيعية وسلسة.

الفصل الرابع: طرق تعليم الرياضيات كما يقدمها غلين دومان في الكتاب:

يركز غلين دومان على أن تعليم الرياضيات للأطفال الصغار — وحتى الرضع — يجب أن يتم بطريقة عملية، ممتعة، وسريعة. ويبتعد تمامًا عن الأسلوب التقليدي القائم على الشرح النظري أو الإجبار، ويعتمد بدلًا من ذلك على العرض البصري السريع للبطاقات.

الأدوات الأساسية:

  • بطاقات بيضاء كبيرة.
  • نقاط حمراء أو أرقام مكتوبة بخط كبير وواضح.

أنواع البطاقات التي يتم استخدامها:

  1. بطاقات الكميات:
    • تحتوي البطاقة على عدد معين من النقاط (مثلا: بطاقة بها 3 نقاط، بطاقة بها 7 نقاط).
    • الهدف منها هو أن يدرك الطفل الكمية نفسها مباشرة، بدون الاعتماد على العد واحدًا واحدًا.
  2. بطاقات الأرقام:
    • بعد أن يصبح الطفل مألوفًا مع الكميات، يتم إدخال بطاقات تحتوي على الرموز الرقمية (1، 2، 3… إلخ).
  3. بطاقات العمليات الحسابية:
    • لاحقًا، تستخدم بطاقات توضح عمليات الجمع والطرح بطريقة بصرية (مثلا: بطاقة بها 2 نقاط + بطاقة بها 3 نقاط = بطاقة بها 5 نقاط).
  4. بطاقات المفاهيم الرياضية الأخرى:
    • يمكن الانتقال لاحقًا إلى مفاهيم مثل الأكبر/الأصغر، الجمع البسيط، والطرح.

كيفية عرض البطاقات بطريقة مشوقة:

  1. العرض السريع والخاطف:
    • يتم عرض كل بطاقة لمدة ثانية أو ثانيتين فقط.
    • الهدف هو أن يرى الطفل الصورة كاملة دفعة واحدة، وليس أن يحاول عد النقاط.
  2. التكرار اليومي المنتظم:
    • تعرض البطاقات أكثر من مرة يوميًا، عبر جلسات قصيرة وممتعة لا تتجاوز الدقيقتين لكل جلسة.
  3. التنويع في العرض:
    • تغيير ترتيب البطاقات يوميًا حتى لا يشعر الطفل بالملل.
    • يمكن إضافة أصوات مرحة أو كلمات مشجعة أثناء العرض (“واو! هذا رقم خمسة! رائع!”).
  4. المحافظة على جو مليء بالحب واللعب:
    • لا يجب أبدًا إجبار الطفل على التعلم أو معاقبته إذا بدا غير مهتم.
    • الهدف هو أن يظل الطفل يربط التعلم بالشعور بالفرح والاهتمام.
  5. زيادة التحدي تدريجيًا:
    • مع مرور الوقت، يتم تقديم مسائل رياضية بسيطة، مثل:
      • “انظر! لدينا بطاقتين: 2 نقاط و3 نقاط! كم لدينا الآن؟”
    • ولا بأس إن لم يجب الطفل؛ الأهم أن يستمر في رؤية المعلومات بشكل طبيعي ومتكرر.

لماذا هذه الطريقة فعّالة؟

  • تعتمد على التصور البصري: الطفل يرى الكمية كما هي، وليس مجرد رمز نظري.
  • تحترم طبيعة الطفل: الجلسات قصيرة وخفيفة ومليئة بالمرح.
  • تؤسس فهمًا عميقًا للأعداد: الطفل لا يحفظ الأرقام فقط، بل يكوّن إحساسًا حقيقيًا بالكميات والرياضيات.

الفصل الخامس: دور الأهل في تعليم الأطفال المبكر

يضع غلين دومان وجانيت دومان مسؤولية تعليم الطفل في سنواته الأولى بالكامل تقريبًا على عاتق الأهل، وليس المدرسة أو المؤسسات التعليمية. ويعتبران أن الأبوين هما المعلمان الطبيعيان والأفضل للطفل في هذه المرحلة الحاسمة.

الفكرة الأساسية:

  • الطفل في سنواته الثلاث الأولى أكثر استعدادًا للتعلم من أي وقت آخر في حياته، لكنه بحاجة إلى شخص يحبه بعمق ليقوده في هذه الرحلة، وهذا الشخص هو الأم والأب.

لماذا الأهل وليس المدرسة؟

  1. الحب والعلاقة العاطفية:
    • العلاقة الفريدة بين الطفل ووالديه تخلق بيئة مثالية للتعلم.
    • الحب غير المشروط الذي يقدمه الأهل هو الدافع الأقوى لفتح عقل الطفل لاستقبال المعرفة.
  2. المرونة والتوقيت المناسب:
    • الأهل قادرون على استغلال اللحظات المثالية عندما يكون الطفل مستعدًا ومتحمسًا للتعلم (بعد النوم، أثناء اللعب، وقت الهدوء).
    • على العكس من المدارس التي تفرض أوقاتًا محددة وجداول صارمة.
  3. التعليم الشخصي والفردي:
    • الأهل يعرفون طفلهم أكثر من أي شخص آخر: يعرفون مزاجه، اهتماماته، وطرق تحفيزه.
    • يستطيعون تكييف طريقة العرض لتناسب طبيعته الفردية.
  4. بيئة خالية من الضغط والتقييم:
    • مع الأهل، يتعلم الطفل دون خوف من الفشل أو الانتقاد.
    • هذا يساعده على التجربة والاكتشاف بحرية وثقة.

التوجيهات العملية التي يقدمها المؤلفان للأهل:

  1. ابدأوا مبكرًا:
    • لا تنتظروا حتى يكبر الطفل أو حتى يظهر “اهتمامًا” بالمواد الأكاديمية.
    • كلما بدأتم مبكرًا، كان تأثير التعلم أعمق وأطول مدى.
  2. اجعلوا التعليم ممتعًا:
    • حولوا الجلسات التعليمية إلى لحظات لعب ومرح.
    • الابتسامة، العناق، والضحك يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من العملية.
  3. التكرار القصير والمستمر:
    • بدلاً من جلسات طويلة مرهقة، اعتمدوا على عروض سريعة ومتكررة خلال اليوم.
  4. التوقف عند شعور الطفل بالملل:
    • لا تجبروا الطفل على إكمال الجلسة إذا بدا غير مهتم.
    • إنهاء النشاط وهو لا يزال متحمسًا أفضل بكثير من إنهائه وهو يشعر بالملل.
  5. الاحتفال بالنجاح دائمًا:
    • احتفلوا بأبسط إنجازات الطفل مهما كانت صغيرة.
    • كل نجاح مهما كان بسيطًا يعزز ثقته بنفسه وحبه للتعلم.
  6. كونوا قدوة في حب التعلم:
    • إذا رأى الطفل أن والديه يحبون المعرفة ويستمتعون بها، فسيريد أن يكون مثلهم.

الخلاصة الكبرى:

التعليم المبكر ليس مهمة معقدة ولا يحتاج إلى شهادات أكاديمية، بل يحتاج إلى حب كبير، وفرح صادق، والتزام يومي صغير من الأهل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *